مقابلة لمجلة لاندسكيب للأعمال

شوان إبراهيم طه، هو رئيس مجلس إدارة شركة ربيع للأوراق المالية، وهي شركة وساطة في الأوراق المالية أسّستْ في العراق في عام 1995 تقدم مجموعة واسعة من الخدمات المالية. ويتمتع السيد طه بثلاثة عقود من الخبرة في العمل وإدارة الاستثمارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والأسواق الناشئة. وهو كذلك مستثمر مخاطر وكان جزءاً من شبكة المستثمرين المخاطرين العراقيين منذ انطلاقها. وقد استثمر أيضاً في العديد من قصص النجاح في مشهد ريادة الأعمال العراقي، بما في ذلك منصة التجارة الإلكترونية الصاعدة (مسواك) وتطبيق توصيل الطعام (عالسريع).

في هذه المقابلة، يتحدث السيد طه عن الوضع الحالي لأسواق رأس المال في العراق واللوائح القانونية المرهِقة والبيروقراطية المعقدة التي تقف بيننا وبين التنمية المحتملة للاقتصاد. ويؤكد على الدور الأساسي لبورصة الأوراق المالية في بناء اقتصاد مفتوح ومزدهر. ويتحدث كذلك بإعجاب عن الشركات الناشئة العراقية ورجال الأعمال الذين يتعاملون مع التحديات الشاقة لبيئة الأعمال.


نودُّ أن نعرفَ من هو شوان إبراهيم طه وما هي قصته؟

ولدَتُ وترعرعتُ في بغداد لأبوين طبيبين، والتحقتُ بالمدرسة الثانوية في كلية بغداد. ثمّ بعد تخرجي عام 1985، قضيتُ سنة واحدة في كلية الطب في جامعة بغداد. بعد ذلك، غادرتُ البلاد وذهبتُ إلى الولايات المتحدة إلى جامعة كيس ويسترن ريزيرف، حيث درستُ الهندسة الطبية الحيوية السريرية وإدارة المستشفيات.

بعد تخرجي كمهندس طبّ حيوي، كان من المفترض أن أعود وأعمل في العراق. ولكن، فقد بدأتْ حرب الخليج في خضمّ وقتِ تخرّجي، كان لسوء الحظّ وقتاً عصيباً للغاية. لذلك، قرر والدي أنّني يجب أن أُثبّتَ أقدامي حيثُ مكاني في الولايات المتحدة، على الرغم من صعوبة ذلك بالنسبة له.

اضطررتُ لمواصلة الدراسة لأنّه لم يكن لدي أي أوراقِ عمل. لم تكن الهندسة الطبية الحيوية قريبة من قلبي، كنت مهتماً أكثر بالاقتصاد وريادة الأعمال. لذلك حصلت على ماجستير في إدارة الأعمال وشرعتُ بافتتاح بضعِ شركاتِ في الولايات المتحدة في مطلعِ التسعينيات.

في بداية التسعينيات، كنت منغمساً بنشرِ رسائلٍ إخبارية على الإنترنت حول الاستثمارات ولم يكن الكثير من الناس يعرفون ما هو الإنترنت في ذلك الوقت. لحسن الحظ، لفتت منشوراتي نظرَ مدير تمويل كبيرٍ للغاية، كان اسمهُ الدكتور مارك موبيوس، وكانَ خبيراً في استثمارات الأسواق الناشئة. وتوالت الأحداث الواحدة تلوَ الأخرى، وعُيّنتُ لفتح مكتبهم في دبي وإدارته في عام 1996.

عندما تنظر الى واقع الحال اليوم، لا يمكنكَ أن تتخيل كيف كانت قبل 26 عاماً. من الواضح أنّ دبي لم تكن دبي اليوم، ولا الشرق الأوسط هو نفسهُ أو الخليج كان خليج اليوم. عندما كنت مدير المحفظة، بدأت الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. بلغتْ حدودُ أسواقي من المغرب إلى عُمان. بعد دبي، طلبوا مني فتح مكتب آخر في اسطنبول في عام 1999. لذلك فتحتُ مكتب أبحاث في اسطنبول وأصبحت في النهاية مسؤولاً عن جميع الاستثمارات في تركيا وباكستان واليونان ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. لقد فعلتُ ذلك حتّى عام 2006، عندما انضممتُ إلى مجموعة أخرى لإدارة الصناديق، كان اسمها سوروس. أصبحتُ جزءاً من فريق مكوّن من شخصين يديران صندوقَ تحوط لصالح سوروس. استمريت في عملي ذلك لمدة عامين، وعندها قررت أنّني أريد العودة وممارسة اعمالي في العراق.


كيفَ بدأت شركة الربيع للوساطة؟

اشتريتُ شركة ربيع للأوراق المالية عام 1999، وكان للعراق أحد أقدم أسواق الأوراق المالية في المنطقة. بدأتْ أسواقهُ في وقت ما في أوائل التسعينيات وكانت تعرف باسم بورصة بغداد.

عندما تكون هناك فوضى في الأسواق الناشئة، يجب عليك أن تستثمر في هذا السوق. وبالنسبة لي، كان سوق الأوراق المالية الأكثر فوضوية وتجاهلاً في العالم يكمنُ في العراق، إذ كنا تحت العقوبات ولم يكن بإمكان المستثمرين الدوليين الاستثمار. لذلك قررت الاستثمار في سوق العراق للأوراق المالية، في ذلك الوقت، كان شريكي اليوم، ناشروان، سمساراً للأوراق المالية في شركة صغيرة. فقررنا شراء ترخيص وبدأنا الاستثمار في سوق رأس المال.

في عام 2009 عندما عدتُ، اعتقدت أن العراق كانَ منفتحاً، وقلتُ في نفسي: الآن، إنّها فرصتنا لنزدهر ونصبح اقتصاداً مفتوحاً، ولكي تصبح اقتصاداً مفتوحاً في الوقت الراهن تماماً مثل أي دولة أخرى بعد سنوات من الصراعات والنزاعات، فأنت بحاجة إلى سوق رأس مال مزدهر. تبدأ أسواق رأس المال بالقطاع المصرفي والبورصة، ولكي تنمو البلاد، علينا أن نبدأ في دمج اقتصادنا بالاقتصاد العالمي، ولا يكون تحقيق هذا التكامل إلّأ من خلال النظام المالي والأسواق المالية.

حصلت بعض التطورات في العراق من عام 2003 وحتّى عام 2009 والتي تمثلت بحصول بعض الأشياء الجيدة خلال فترة قصيرةٍ جداً، وكانت هناك مؤشرات على أنّ الأمور ستتقدم إلى الأمام في هذه المجالات. لذا عدت مع فريقٍ وشريك، بدأنا نمذجة شركة ربيع للأوراق المالية على غرار الشركات في الخارج والشركات الإقليمية الناجحة: يمكن أن تجذب الاستثمارات إلى السوق وأن تُجري خدماتٍ مصرفية استثمارية مثل العروض العامة الأولية وعمليات الدمج والاستحواذ ومبيعات الأصول والاستحواذ على الأصول وما إلى ذلك وتحرّكها بسرعة. وبين عامي 2009 و2014، شهدنا حركةً وتطوراً في سوق الأوراق المالية وأسواق رأس المال. من أهم الأشياء التي ميزتنا هو بحثنا عن الشركات الرئيسية. ومع ذلك، أخذت الأمور تبدأ بالتراجع منذ ذلك الحين.


ما كان دافعُ عودتكَ للوطن والانخراط في سوق رأس المال في ذلك الوقت؟

في العام 1990، كان العراق تحت وطأة العقوبات الشديدة التي فرضتها الأمم المتحدة، ولم يكن بمقدور أحد الدخول إلى العراق أو الخروج منه والقيام بأيّ تجارة معه، وقد حُظِرَ النظام المصرفي بالكامل. لا يفهم البعض من الناس ما فعلته العقوبات الشديدة بين عامي 1990 و2003 لنا نحن كعراقيين - سواء كنّا داخل البلاد أو في الخارج.

ومع ذلك، يجب علينا دائماً مقارنة الأشياء في سياقها التاريخي، ما كان يحدث للعراق في التسعينيات حدث لدولٍ أخرى في فترات أخرى من التاريخ. يجب أن ننظر في السبل التي استطاعوا بها الخروج من تلك الأزمات. في كثير من الأحيان، يمكننا أن نلاحظ أنّه بسبب هذه التجارب الصعبة للغاية، سارت الأمور بالنسبة لهم بشكل أفضل بعد ذلك.

كان الدافع الذي حرّكني لشراء شركة ربيع للأوراق المالية هو الاستثمار بشكل أساسي. كنتُ قد ارتأيتُ أنّ التغيير يمكن أن يحدث في المستقبل، ممّا يجعل الشركةَ شركةً رائدة في العراق، كذلك كان شراء الأصول في مكان مثل العراق في ذلك الوقت ميسور التكلفة مقارنةً بأماكنَ أخرى. لذلك كانت بالنسبة لي وسيلةً للاستثمار في البورصة العراقية ومعرفة ما سيحدث. وبحلول عام 2009، اعتقدتُ أنّ البلاد جاهزةٌ لمزيد من التطوير وأردت المشاركة فيه. واعتقدتُ كذلك أنّه يجب علي إعادة خبرتي إلى العراق بدلاً من العمل في أسواق أخرى. لماذا أستثمر في فيتنام أو مصر أو نيجيريا بينما لدي بلدي؟ كذلك لم يكن هناك في ذلك الوقت وحتى اليوم عدداً كبيراً من الخبراء في ما نقوم به، لذلك كان هذا حافزاً للعودة أيضاً.


قد لا يَدرك الكثير من الناس أنّ العراق لديه بورصة للأوراق المالية. والسؤال هنا، كيف تجري العمليات في البورصة العراقية؟ وما هي أكثر التحديات إلحاحاً؟

إنّ الأمرَ لا يشملُ الفردَ العادي داخل العراق بل حتى قلة من المسؤولين الحكوميين لا يعرفون أنّ لدينا بورصة. كثير من السياسيين لا يعرفون حتى ما هي أسواق رأس المال أو البورصة أو النظام المصرفي في الوقت الراهن، هذه لمشكلة هائلة.

تكمنُ أكبر مشاكلنا في العراق في البيروقراطية، يعود هذا إلى عقوبات فترة التسعينيات حتى عام 2003. لم تكن التسعينيات مجرد عقد عادي آخر في تاريخ العالم، فقد كان من المهم الدفع نحو نمو الأنظمة المالية العالمية. في بداية التسعينيات، كان هناك عدد قليل جداً من الأشخاص يتمتعون بإمكانية الوصول إلى الإنترنت، وبحلول عام 2003 عند غزو العراق كنت أتاجر من خلال جهاز (بلاك بيري) الخاص بي. حدث هذا التطور بسرعة كبيرة – وكان نتيجتهُ أن حُرِمَ العراق من هذا التطور.

لم نفقد التكنولوجيا فحسب، بل خسرنا أيضاً تطوير الأفراد والنظام التعليمي للتعامل مع كل تغيير، حتّى بتنا اليوم متخلفين عن الركب. ما زلنا نعتمد على البيروقراطيين الذين يعتقدون أنّ الناس يعملون لصالح الحكومة وليس العكس، مما يجعل من الصعب للغاية تغيير أي شيء. فعلى سبيل المثال، نحن لا نعمل فقط في العراق ولكن في جميع أنحاء العالم. يستغرق الأمر نصف ساعة بالضبط لتأسيس شركة مساهمة في ديلاوير (Delaware) بحساب مصرفي واتمام كافة الاجراءات، وستكون التكلفة حوالي 500 دولار، أما لتأسيس شركة مساهمة في العراق - حتى مع خبرتنا في هذا المجال ومعرفتنا بالنظام والإجراءات ومحامينا المتميزين - سيستغرق الأمر منّا عشرةَ شهورٍ او أكثر. تتسابق البلدان اليوم لجعل أنظمتها القانونية والمالية شفافة لتعزيز نمو الاستثمارات الخاصة وريادة الأعمال، لأنّ الحياة تمضي بسرعة هائلة والشباب لن يبقوا شباباً. فإذا لم تستطع البلدان التكيف فإنّها ستفقد الأعمال وسوف يفقدون رأس المال البشري المتمثل بالشباب وبالتالي يفقدون القدرة على المبادرة.

وفي العراق تأخذُ الأمور منحناً عكسياً تنقلبُ فيه الأمور لتصبحَ أكثرَ تعقيداً في إجراءاتها وقوانينها. فكأنّنا نقول لرجل الأعمال "لا تبدأ شركتك" أو "اذهب إلى مكان آخر" وهذا تحديداً ما يحدث. يبحث رواد الأعمال في العراق اليوم عن مناطق قضائية أخرى يمكنهم العمل في ظلها، فنحن نتعامل مع الكثير من الصعوبات في العراق ولا يوجد دعم ملموس من الحكومة والبيروقراطية للأعمال الخاصة ولا للاستثمار الخاص أو الاستثمار الأجنبي. نحاول حالياً فعلَ أشياءٍ جمّة في العراق على الرغم من القوانين والأنظمة المرهقة، وما يتعين علينا القيام به بشكل جماعي هو الاستمرار في الابتكار وتقديم أفكار جديدة إلى السوق العراقية.

ينتابني الفخرُ العارم بما نمتلكهُ من شركاتٍ ناشئة: إنّهم ينجحون على الرغم من الحكومة والبيروقراطية، ولا تملؤهم الخيبة بسببها. لا أحد يضاهي رواد الأعمال الموجودين لدينا في العراق وفي الخارج. لأنّهم يعملون وينجحون في ظل هذه الظروف العصيبة. إنهم بحاجة إلى أن يكونوا ماهرين للغاية فقط حتّى ينجحوا بشكل متواضع في العراق، لهذا السبب يصبحون في نهاية المطاف أفضل بمئة مرة في ممارسة الأعمال من أقرانهم في البلدان الأخرى. لذا تخيل ماذا سيحدث إذا كانت الحكومة داعمة للأعمال التجارية الخاصة والبيروقراطية تتيح المجال للقطاع الخاص، إنّ الأمرَ أشبه بقِدرِ الطبخ المضغوط، لنفترض أنّ شخصاً ما لديه المعرفة لفتح قدر الضغط هذا، تخيّل كم من المواهب التي نحتاجها بشدة قد تخرج من هذا القدر.


ما هي الأهمية التي يلعبها سوق رأس المال في تطوير القطاع الخاص؟

انطلقتْ فكرة الشركة على ضفاف بلاد ما بين النهرين، وتوفر أسواق رأس المال اليوم الوقود ورأس المال لنمو رواد الأعمال. أضف لذلك أنّه عندما يكون لدينا أسواق رأس مال نشطة كما هو الحال في الولايات المتحدة أو الإمارات العربية المتحدة سيكون الشخص العادي قادراً على الحصول على حصة في شركة عامة والاستثمار في مستقبلها. ويُسمح لنا بتجميع مواردنا معاً وبشكل جماعي. نحن دولة غنية جداً، لذلك فإنّ امتلاك سوق رأس مال سليم سيمكننا من تجميع مواردنا معاً: لبناء الدولة والسماح للشركات والأفراد بالاستفادة فعلياً من النفوذ للنمو. وما يزال الناس لا يفهمون أنّه لا يمكن لأي شركة من الشركات التي نعرفها أن تنمو بالطريقة التي نمت بها في الغرب إذا لم تكن جزءاً من أسواق رأس المال. ولا تحدث التنمية عندما تضخ الحكومات الأموال في الاقتصاد وتحرق الأموال التي تُدفع للناس، يجب أن يكون دور الحكومة كمنظم وليس كمستثمر.


هل باعتقادكَ أنّ الشركات العراقية الناشئة لديها ما يلزم للانضمام إلى البورصة العراقية في وقتٍ لاحق؟ وهل هذه خطوة منطقية عليهم أن يتخذوها؟

يعدُ تحقيقُ ذلك في ظلٍ القوانين واللوائح الحالية صعبٌ جداً. هدفنا في سوق الأوراق المالية هو انضمام هذه الشركات إلى البورصة العراقية وعلى سبيل المثال: إذا كنت تتسوق من "مسواك" وأخبرتكَ أنّ هذه الشركة موجودة في سوق الأوراق المالية، فيمكنك حينئذٍ الذهاب إلى هاتفك الذكي وكتابة بضعة أحرف وتحويل الأموال وشراء الأسهم في "مسواك" وبالتالي تستثمر في مستقبلك. يستثمر العديد من الشباب حول العالم اليوم في سن مبكرة جداً، وعلى هذا الأساس عندما يكبرون يكون لديهم معاش تقاعدي جيد. لن يحتاجوا إلى أن تهتم الحكومة بذلك بعد الآن. وفي العراق يبحث الجميع عن عمل في القطاع العام من أجل الحصول على معاشات تقاعدية في نهاية المطاف. لكن الواقع هو أنّه عندما ينمو هذا الجيل ليكون مؤهلاً للحصول على معاشات تقاعدية فلن يكون هناك أموال لدفع ثمن ذلك إذا ظل اقتصادنا مُتكلاً على عائدات النفط وأهمل القطاع الخاص. 


تحوي محفظتك الاستثمارية شركات ناشئة صاعدة مثل مسواك وعالسريع، لماذا هؤلاء بالتحديد؟

تعجبني شركاتنا الناشئة العراقية لأنّني أعرف ما عانوه وتحملوه للوصول إلى ما هم عليه اليوم. فبالنسبةِ إلى شخص قادم من الخارج ليس لديه فكرة عن كيفية العمل في العراق، السبب الوحيد الذي جعلني أستثمر اليوم ليس الفكرة، فالأفكارُ كثيرة، المشكلة هي في التمهيد لها وتطبيقها على الأرض. إذا رأيت رجل الأعمال يستيقظ كل يوم ويتصبب عرقاً لأجلِ شركتهِ، شخصٌ تتلبسهُ الحكمة ويفهم السوق، فسوف استثمر في شركتهِ.

توسّع بعض الشركات الأجنبية والإقليمية عملياتها لتشمل العراق لأنّها تعمل في الأسواق التي لديها إمكانية الوصول إلى رأس المال. إذا لم يكن لديهم إمكانية الوصول إلى رأس المال في تلك الأسواق فلن ينقلوا أبداً رؤوس أموالهم إلى العراق. في حين لا يستطيع رجل الأعمال العراقي الوصول إلى رأس المال وأسواق الأسهم والمستثمرين الأجانب بسبب القانون الذي يحد من الاستثمار الأجنبي في الشركات العراقية. ومع ذلك، حتى مع الموارد المحدودة والظروف الصعبة فإنّهم يواصلون شق طريقهم عبر بيئة الأعمال.


كيف بدا أسبوع الشركات الناشئة في معرض اكسبو الذي استضافته شركة الربيع للأوراق المالية؟ لماذا اتخذتم هذه المبادرة لدعم بيئة الاعمال العراقية؟

أتيحت لنا فرصة تمثيل بيئة الأعمال العراقية في معرض دبي إكسبو، وأردنا من خلالها تنظيم أسبوع الشركات الناشئة واستضافة شركاتنا العراقية الناشئة من أجل إظهار إمكاناتهم ومنحهم منصة لسرد قصصهم. هذه مجرد مبادرة واحدة صغيرة ونحن بحاجة إلى أكثر من ذلك بكثير، وبصراحة نحن بحاجة للتغيير في الداخل أكثر من حاجتنا لها في الخارج. على سبيل المثال، إذا لم يتغير القانون الذي يمنع المستثمرين الأجانب من امتلاك أكثر من 49٪ من الشركة، فإنّ العديد من شركاتنا الناشئة ستنتقل إلى الخارج للعمل في ظل ولايات قضائية أكثر مرونة. وإذا لم نسهل الأمر على الشركات، فسيؤسس رواد الأعمال شركاتهم في الخارج. وقلقي الحالي ليس الترويج لتلك الشركات الناشئة الثلاثين ولكن كيف نحافظ على إمكاناتهم وندعمهم للنمو.


هل تعتقد أنّه باستطاعتنا الابتعاد عن الاستثمار التقليدي الذي عادة ما تقوم به الشركات العائلية في الأعمال التجارية التقليدية والاتجاه نحو المزيد من الشركات الناشئة؟

نحاولُ التدخلَ قدر استطاعتنا، ومع ذلك فمن المهم أن نتذكر أنّ معظم الثروة في العراق اليوم صُنعت بعد عام 2003. ما زلنا من الجيل الأول من رجال ورواد للأعمال، فإذا ذهبت إلى رجال الأعمال من الجيل الأول وقلت: "أحتاج كذا مبلغ من المال لأن لدي هذه الفكرة" فإنّ أول ما سيلوحُ في خاطرهم هو أنّهم يستطيعون فعل ذلك بأنفسهم. ليس لديهم عقلية الاستثمار كأقلية في شركة شخص آخر، إنّهم يريدون امتلاك 100٪ من الشركة. حدث هذا في كل مكان حتى في تركيا، على سبيل المثال، بدأ تحول تركيا إلى اقتصاد السوق في بداية الثمانينيات وبنت العائلات الكثير من الثروة في ذلك الوقت. كان الأمرُ في بداية هذا الانفتاح يتمثل في ما أذا فتحت إحدى هذه العائلات شركة عادية مثل معصرة لزيت الزيتون فستتبعها جميع العائلات الأخرى. لذا فإنّ العراق اليوم ما زال في تلك المرحلة التي يحاول خلالها رجال الأعمال تقليد بعضهم البعض. ولا يفكر رجال الأعمال العراقيون الأغنياء في أن يصبحوا مستثمرين أقلية في شركة شخص آخر وخاصة داخل العراق. إنّهم كذلك لا يعتقدون أنّ هذه شركة جيدة، فلا تحملهم أنفسهم للتحقق من سعر السهم أو حتّى شراء بعضها، إنّهم لا يثقون تماماً بهذا النظام.


لقد كنت تستثمر في العديد من الشركات لمدّة طويلة، ما هي القطاعات التي تحبّذ الاستثمار فيها؟ وما هي نصيحتك لرواد الأعمال؟ 

أنا حيادي جداً في حكمي على القطاعات، وسأكون سعيداً للاستماع إلى أيّ عرض تقديمي لبدء التشغيل. الشيء الرئيسي الذي أبحث عنه هو رائد/ة الأعمال، يجب أن يكون اصحاب الأعمال من نوع معين، يجب أن يكونوا على دراية جيدة بما يريدون القيام به. يضع رواد الأعمال الحقيقيون كل شيء في أعمالهم كما لو أنّ حياتهم تعتمد على ذلك. لا أحبّذ أن أرى رائد أعمال يأتي ويقول: "لدي وظيفة يومية، وأقضي سبع ساعات في الليل أو في عطلة نهاية الأسبوع للقيام بالبرمجة، والآن لدي فكرة ما وأحتاج إلى المال." لا جدوى من هذا الأمر معي. إذا آمن أي شخص بفكرته الجيدة لكانوا قد تركوا وظيفتهم وعملوا ليل نهار ووضعوا كل مواردهم في أعمالهم. أنا في الواقع استثمر برواد الأعمال، وليس القطاع او الفكرة.

نصيحتي بسيطة، رقم واحد، أن تعمل. فهذا ليس يانصيب، لا يمكنك أن تشتري تذكرةً على أمل الفوز، تحتاج ان تعمل. رقم اثنين، اسمع. لا يمكنك كرائد أعمال معرفة كلّ شيء، أنت بحاجة إلى أشخاص من حولك لمساعدتك ولكي تسمح لهم بذلك عليك أن تستمع لهم. هذا يعني أنّ عليك أن تكون متواضعاً وأن تستمع إلى النصيحة وأن تتبعها. وأخيراً ، كن متواضعاً، نرى العديد من رواد الأعمال يفقدون المعنى من وراء عملهم ويصيبهم الغرور، ليس لديهم أي ثوابت ويعتقدون أن شركتهم سوف تساوي الملايين. بصفتك رائد أعمال فإنّ أولويتك الأولى هي تنمية شركتك، البعض لا يملك شركة حتى الآن ويقول: "لن أتخلى عن 40٪ من شركتي اليوم، فسأندم على ذلك لاحقاً عندما تصلُ قيمتها لملايين الدولارات ". بينما في الواقع ليس لديهم أي ثوابت، لذا فشركتهُ تساوي صفراً. هذا يدل فقط على نقص الخبرة ونقص المعرفة ونقص الموجهين من حولهِ. أعتقد كذلك أنّه يجب على رواد الأعمال أن يكونوا أكثر تعطّشاً لإنقاذ شركتهم بدلاً من الاحتفاظ بنسبة 5-10٪ إضافية من الشركة عند حصولها على استثمار.


اطلع على النسخة الانكليزية من هذه المقابلة

اقرأ المجلة كاملة


Posted in on Tuesday, 29th November, 2022